منتديات رويم

طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام O5cnxy

طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام 56b6c33da1أهلا وسهلاطهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام 56b6c33da1
طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام A2e61a65faإن كنت زائر فتكرم بالتسجيلطهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام A2e61a65fa
طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام Ded6cc6258وإن كنت عضو فتفضل بالدخولطهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام Ded6cc6258
منتديات رويم

طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام O5cnxy

طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام 56b6c33da1أهلا وسهلاطهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام 56b6c33da1
طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام A2e61a65faإن كنت زائر فتكرم بالتسجيلطهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام A2e61a65fa
طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام Ded6cc6258وإن كنت عضو فتفضل بالدخولطهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام Ded6cc6258
منتديات رويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات رويم

منتديات رويم : منتدى البرامج العامة ، أغاني ، أفلام أجنبية ، أفلام الانيمي والاطفال ، منتدى الصحة والاسرة ، والجمال
 
الرئيسيةأحدث الصورروابطناالتسجيلدخول

 

 طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مرهف الاحساس

مرهف الاحساس


عدد المساهمات : 124
تاريخ التسجيل : 14/05/2010

طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام   طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة مايو 21, 2010 2:07 am

طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام


قال تعالى في محكم كتابه المبين Sad إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)) يقع الحديث في دراسة استعراضية للنسب ألشريف والسلف الصالح للرسول ألا عظم (صلى الله عليه وآله) ولا سيما أنتساب سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) إلى إبراهيم الخليل (عليه السلام )محطم الأصنام وبقية أبرز آباء وأجداد النبي (صلى الله عليه وآله) ولقد تناولنا الحديث عن النبي إبراهيم (عليه السلام ) لاسيما للصلة الرسالية والحنفية بين إبراهيم (عليه السلام ) وبين نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) حتى أنه يروي عن الإمام الحسن (عليه السلام) أنه كان يقول ": (أنا أبن أعراق الثرى) وقيل أن مراده بأعراق الثرى إبراهيم (عليه السلام ) باعتباره الجذور للرسالة المحمدية المشرفة .

أن سلسلة آباء النبي (صلى الله عليه وآله) مضافاً لأمه آمنة سلامة هولاء العظماء الشرفاء من دنس الشرك والسفاح في عين الوقت .

وفي كلمة له (صلى الله عليه آله) يرويها عنه الترمذي في الصحيح في الجزء الثاني أن النبي قال أنا محمد أبن عبد أبن عبد المطلب أن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم فرقة ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نسباً ) وفي كلمة زين العابدين (عليه السلام ) قال : ( أمست العرب تفتخر على العجم أن محمداً منها وأمست قريش تفتخر على سائر العرب أن محمداً (صلى الله عليه وآله ) منها .

لقد تشرفت قريش برسول الله (صلى الله عليه وآله ) فعامود النبي النبي النسبي الطاهر شرف عظيم في ذلك التأريخ ولقد كانت ألامه الإسلامية خير أمة للناس من أسبابها هو تشرفها بالمصطفى (صلى الله عليه وآله) وبذلك نستعرض وسائط عامود النسب الشريف ابتدأ من حياة حامل لواء التوحيد إبراهيم (عليه السلام ) والمقدمات التي تسلسل بها وانتهت إلى بناء الكعبة المشرفة .

بناء الكعبة المعظمة *(1)

يجدر بنا ونحن نحاول دراسة التاريخ الإسلامي أن نتعرف على تاريخ بناء الكعبة في مكة المكرمة , وذلك يجرنا إلى البدء بتاريخ بانيها إبراهيم (عليه السلام) الذي ركز دعائم التوحيد ومكافحة الوثنية من خلال تكسيره للأصنام والذي عد بمثابة عملا سياسياً في تلك الوقت مضافاً إلى أنه عملاً يتصل بالجانب ألعقيدي حيث حيث تحدى قومه في أهم كيان كانوا يتبنونه ولذلك اعتبروه صاحب جناية كبرى وخيانة عظمى بزعمهم وبالتالي فقد أعدوا له تلك النار التي صيرتها ألحمة الإلهية برداً وسلاماً على إبراهيم (عليه السلام).

لقد جاء في ((روضة الكافي )) في ولادة إبراهيم الخليل (عليه السلام) بسنده عن علي بن إبراهيم ألقمي , عن زيد الكرخي قال : سمعت أبا عبد اللّه الصادق (عليه السلام) يقول : أن إبراهيم (عليه السلام) كان مولده بكوثاريا وكان أبوه من أهلها , وكانت أم إبراهيم وأم لوط (عليه السلام) , سارة وورقة أختين , وهما ابنتان للاحج , وكان لاجج(( نبيا منذرا )) ولم يكن رسولا.لقد تزوج من سارة صاحبة ماشية كثيرة وارض واسعة وحال حسنة , وكانت قد ملكت إبراهيم (عليه السلام) جميع ما كانت تملكه , فقام فيه وأصلحه وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثاريا رجل أحسن حالا منه .

وان إبراهيم لما كسر أصنام نمرود وأمر به نمرود فأوثق , وعمل له حايرا وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار , ثم قذف إبراهيم (عليه السلام) في النار لتحرقه , ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ثم اشرفوا على الحاير فإذا إبراهيم (عليه السلام) سليما مطلقا من وثاقه فاخبر نمرود خبره فأمرهم أن ينفوا إبراهيم (عليه السلام) من بلاده , وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجهم إبراهيم (عليه السلام)ومع ذلك فأن جميع هذه آلايات الباهرة لم تستطع أن توفر الحرية الكاملة لإبراهيم (عليه السلام ) في التبليغ والإرشاد فقد قررت السلطة نفيه إلى من بابل فخرج إبراهيم ـ ومعه لوط لا يفارقه ـ وسارة , وقال لهم ((أني ذاهب إلى ربي سيهدين )) يعني إلى بيت المقدس فتحمل إبراهيم بماشيته وماله ,وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الإغلاق غيرة منه عليها ومضى حتى خرج من سلطان نمرود , وصار الى سلطان رجل من القبط يقال له :عزارة , فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه , فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت قال العاشر لإبراهيم (عليه السلام) : افتح هذا التابوت لنعشر ما فيه ,فقال له إبراهيم (عليه السلام) : قل ما شئت فيه من ذهب او فضة حتى نعطي عشره ولا نفتحه فأبى العاشر ألا فتحه , وغضب إبراهيم (عليه السلام) على فتحه فلما بدت له سارة ـ وكانت موصوفة بالحسن والجمال ـ قال له العاشر : ما هذه المرأة منك ؟ قال إبراهيم (عليه السلام) : هي حرمتي وابنة خالتي فقال له العاشر : فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت ؟ فقال إبراهيم (عليه السلام) : الغيرة عليها أن يراها احد اعلم الملك حالها وحالك . فبعث رسولا إلى الملك فاعلمه , فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت , فاتوا ليذهبوا به فقال لهم إبراهيم (عليه السلام) : أني لست أفارق التابوت حتى يفارق روحي جسدي فأرسل الملك :أن احملوه والتابوت معه فحملوا إبراهيم (عليه السلام) والتابوت وجميع ما كان معه حتى ادخل على الملك , فقال له الملك : افتح التابوت خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي .

فغصب الملك إبراهيم (عليه السلام) على فتحه , فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده أليها , فاعرض إبراهيم (عليه السلام) وجهه عنها وعنه ـ غيرة منه ـوقال : اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي تصل يده أليها ولم ترجع أليه فقال له الملك : أن ألهك هو الذي فعل بي هذا ؟ فقال له : نعم أن الهي غيور يكره الحرام , وهو الذي حال بينك وبين ما أردته من الحرام .

فقال له الملك : فادع ألهك يرد علي يدي , فان أجابك فلن اعرض لها فقال إبراهيم (عليه السلام) : الهي رد أليه يده ليكف عن حرمتي قال : فرد اللّه عز وجل أليه يده .

فاقبل الملك نحوه ببصره ثم عاد بيده نحوها فاعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه , وقال : اللهم احبس يده عنها قال : فيبست يده ولم تصل أليها.

فقال الملك لإبراهيم (عليه السلام) : أن ألهك لغيور , وانك لغيور , فادع ألهك يرد ألي يدي , فانه أن فعل لم اعد فقال إبراهيم : نعم .

فقال إبراهيم (عليه السلام) : اللهم أن كان صادقا فرد يده عليه فرجعت أليه يده فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى , ورأى الآية في يده , عظم إبراهيم (عليه السلام) وهابه وأكرمه واتقاه , وقال له : قد أمنت من أن اعرض لها آو لشيء مما معك فانطلق حيث شئت , ولكن لي إليك حاجة فقال له : أحب أن تأذن لي ان اخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما , فأذن إبراهيم (عليه السلام) فدعا بها فوهبها لسارة ,وهى هاجر أم إسماعيل (عليه السلام). فسار إبراهيم (عليه السلام) بجميع ما معه , وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم (عليه السلام) إعظاما لإبراهيم وهيبة له فأوحى اللّه تبارك وتعالى إلى إبراهيم (عليه السلام) : أن قف ولا تمش قدام الجبار المتسلط وهو يمشي خلفك , ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه وهبه فانه مسلط , ولا بد من أمرة في الأرض برة أو فاجرة وأهابك , وان أقدمك إمامي وامشي خلفك إجلالا لك (عليه السلام) : نعم فقال له الملك : اشهد أن ألهك لرفيق حليم كريم , وانك ترغبني في دينك فسار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات وقد خلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات .

ثم أن إبراهيم (عليه السلام) لما أبطا عليه الولد قال لسارة : لو شئت لبعتني هاجر لعل اللّه أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا ؟ ((2)) .

وقول أن سارة هي التي حدثت زوجها على التزوج من تلك الجارية فولدت له هاجر إسماعيل (عليه السلام ) ولم تمض فترة من الزمان حتى حملت سارة فولدت له إسحاق (عليه السلام).

وبعد مدة جاءه أمر الله بأن يذهب بزوجته هاجر وأبنها إسماعيل إلى مكة ويسكنها بواد غير معروف إلى ذلك الحين وكانت تنزل فيه القوافل التجارية الذاهبة من الشام إلى اليمن ولم يسكن فيها احد فقد كانت الحياة في مثل تلك الصحراء لا تطاق بالنسبة لامرأة عاشت في بلاد العماليق بدخهم وترفهم . فانزل اللّه عليه جبرائيل بالبراق فحمل هاجر وإسماعيل وأمر أن ينزلهما قائلاً انزلهما إلى حرمي وامني وأول بقعة خلقتها من الأرض وهي مكة وكان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع ألا قال : يا جبرائيل إلى ها هنا ؟ إلى ها هنا ؟ فيقول : لا , امض , امض , حتى آتى مكة فوضعه في موضع البيت .

فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجرة , فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلوا تحته , فلما سترهم ووضعهم وأراد الانصراف منهم الى سارة انتابت إبراهيم (عليه السلام) حالة من التفكير في هذا الأمر ولهذا حين عزم على مفارقة زوجته وأبنه في ذلك الوادي قالت له هاجر : يا إبراهيم لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع ؟ فقال إبراهيم : اللّه الذي أمرني ان أضعكم في هذا المكان حاضر عليكم ثم انصرف عنهم فلما بلغ كدا ـ وهو جبل بذي طوى ـ التفت أليهم إبراهيم وعيناه تدمعان ثم قال متضرعاً إلى ربه : ( ربنا أني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي أليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) ((3)) ثم مضى وبقيت هاجر.

فلما ارتفع النهار عطش إسماعيل وطلب الماء وقد نفذ الماء الذي كان بحوزة هاجر وابنها إسماعيل وجف لبن ثدييها وتدمرت أوضاع الرضيع فانطلقت من مكانها تبحث عن الماء, فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى ونادت : هل في الوادي من أنيس ؟ وظنت انه ما وسعت , فلما بلغت المسعى غاب عنها , ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا فعادت حتى بلغت الصفا , حتى فعلت ذلك سبع مرات , فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجله ,فعادت حتى جمعت حوله رملا فزمته بما جعلته حوله فلذلك سميت زمزم .

وكانت جرهم نازلة بذي المجاز وعرفات , فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطير والوحش على الماء فنظرت جرهم إلى تعكف الطير على ذلك المكان فاتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبى في ذلك الموضع قد استظلوا بشجرة ,وقد ظهر الماء لهما فقالوا لهاجر : من أنت وما شانك وشان هذا الصبي ؟فقالت : إنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن وهذا ابنه , أمره اللّه أن ينزلنا هاهنا فقالوا لها : أيتها المباركة افتاذني لنا أن نكون بالقرب منكما ؟.فلما زارهم إبراهيم (عليه السلام) في اليوم الثالث قالت هاجر : يا خليل اللّه أن ها هنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا ,أفتاذن لهم في ذلك ؟ فقال إبراهيم : نعم فأذنت , فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم , فأنست هاجر أم إسماعيل بهم .

فلما زارهم إبراهيم في المرة الثالثة نظر إلى كثرة الناس حولهم فسر بهم سرورا شديدا وكانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كل واحد منهم شاة وشاتين فكانت هاجر وإسماعيل يعيشان بها.

فلما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر اللّه إبراهيم (عليه السلام) إن يبني البيت ,فقال : يا رب في اى بقعة ؟ قال : في البقعة التي أنزلت على آدم القبة فأضألها الحرم فلم تزل البقعة التي أنزلتها على آدم قائمة حتى كان طوفان نوح فلما غرقت الدنيا رفعت تلك القبة وغرقت الدنيا ألا موضع البيت فبعث اللّه جبرائيل (عليه السلام) فخط له موضع البيت , وانزل اللّه عليه القواعد من الجنة , ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى , وبني إبراهيم البيت فرفعه إلى السماء تسعة اذرع وكان الحجر الذي انزله اللّه على آدم اشد بياضا من الثلج , فاستخرجه إبراهيم (عليه السلام) ووضعه في موضعه الذي هو فيه وجعل له بابين : بابا إلى المشرق وبابا إلى المغرب يسمى المستجار , ثم القي عليه الشجر و الأذخر ((4)) وعلقت هاجر إلى بابه كساء كان معها فكانوا يكنون تحته .

فلما بناه وفرغ منه نزل عليهما جبرائيل (عليه السلام) يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجة فقال : يا إبراهيم قم فارتو من الماء لأ نه لم يكن بمنى وعرفات ما , فسميت التروية لذلك , ثم أخرجه إلى منى فبات بها , ففعل به ما فعل بدم (عليه السلام) ((5)) . وروى علي بن إبراهيم ألقمي أيضا عن أبيه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انه قال : أن إبراهيم (عليه السلام) أتاه جبرائيل عند زوال الشمس من يوم التروية فقال : يا إبراهيم ارتو من الماء لك ولأهلك ـ ولم يكن بين مكة وعرفات ماء ـ فسميت التروية بذلك فذهب به حتى انتهى به إلى منى فصلى به الظهر والعصر و العشاءين والفجر , حتى أذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات فنزل بنمرة , وهي بطن عرفة فلما زالت الشمس خرج واغتسل فصلى الظهر والعصر بأذان واحد و أقامتين , وصلى في موضع المسجد الذي بعرفات ـ وقد كانت ثمة أحجار بيض فأدخلت في المسجد الذي بني ـ ثم مضى به إلى الموقف فقال : يا إبراهيم اعترف بذنبك , واعرف مناسكك ولذلك سميت عرفة فأقام به حتى غربت الشمس , ثم أفاض به فقال : يا إبراهيم ازدلف الى المشعر الحرام ـ فسميت المزدلفة ـ واتى به المشعر الحرام , فصلى به المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد و أقامتين , ثم بات بها فرأى في النوم ا نه يذبح ابنه حتى أذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف .

ثم أفاض إلى منى فأمره فرمى جمرة العقبة عندما ظهر له إبليس لعنه اللّه , وأمر أهله فسارت إلى البيت , واحتبس الغلام , فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى , فاستشار ابنه وقال ـ كما حكي اللّه ( يا بني أني أرى في المنام ا ني أذبحك فانظر ماذا ترى ) فقال الغلام ـ كما حكى اللّه ( يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء اللّه من الصابرين ) ((6)) .

واقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام ؟ قال : أريد أن اذبحه غلاما لم يعص اللّه طرفة عين فقال له إبراهيم : ويلك ان الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به فقال : لا واللّه ما أمرك بهذا ألا الشيطان فقال إبراهيم : لا واللّه لا أكلمك , ثم عزم إبراهيم على الذبح . فقال : يا إبراهيم انك أمام يقتدي بك , وانك أن ذبحته ذبح الناس أولادهم فاستشاره في الذبح , فقال الغلام كما حكي اللّه : امض كما آمرك اللّه به , فلما اسلما جميعا لأمر ((7)).

وجهي وشد وثاقي فقال إبراهيم : يا بنى الحمار ((Cool) ثم أضجعه عليه واخذ المدية فوضعها على حلقه , ورفع رأسه إلى السماء ثم انتحى عليه بالمدية فقلب جبرائيل المدية على قفاها واثأر الغلام من تحته , واجتر الكبش من قبل ثبير الجبل الذي عن يمين مسجد منى وكان املح اغبر اقرن يمشي في سواد ويأكل في سواد ,فوضعه مكان الغلام , ونودي من (قبل ) مسجد الخيف ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أنا كذلك نجزي المحسنين أن هذا لهو البلاء المبين ) ((9)) .

ولحق إبليس بأم الغلام حبذا البيت في وسط الوادي فقال لها : رأيت شيخا ومعه وصيف قد أضجعه الشيخ واخذ المدية ليذبحه فقالت : كذبت , أن إبراهيم ارحم الناس , كيف يذبح ابنه قال : فورب السماء والأرض ورب هذا البيت , لقد رايته أضجعه واخذ المدية فقالت : ولم ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك فوقع في نفسها انه قد أمر في ابنها بأمر , فقالت : فحق له أن يطيع ربه.

وما جاء في خبر علي بن إبراهيم ألقمي عن الإمام الصادق (عليه السلام) :أن الكعبة كانت قبل طوفان نوح قبة ضربها آدم (عليه السلام) بموضع البيت , يؤيده ما جاء في الخطبة المعروفة با لقاصعة للأمام علي (عليه السلام) انه قال : ((ألا ترون أن اللّه سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم ـ صلوات اللّه عليه ـ والى الآخرين من هذا العالم , بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولأتسمع , فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما ثم وضعه باوعر بقاع الأرض حجرا واقل نتائق الدنيا مدرا , وأضيق بطون الأودية قطرا , بين جبال خشنة ورمال دمثة , وعيون وشلة وقرى منقطعة , لا يزكو بها خف ولا حافر ولا ظلف ثم أمر آدم وولده : ان يثنوا أعطافهم نحوه , فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملتقى رحالهم , تهوى أليه الأفئدة من مفاوز سحيقة )) (10) .

ولعل هذا هو معنى قوله تعالى ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ) (11) فان رفع القواعد يفيد أنها كانت قد وضعت قبل ذلك وان إبراهيم هو الذي رفعها وشيد على أساسها وان لم تكن بقيت بعد طوفان نوح , حيث قرانا في الخبر عن الأمام الصادق (عليه السلام) أن جبرائيل هو الذي دل إبراهيم (عليه السلام) على موضع البيت .

وحيث لاحظ ا إبراهيم (عليه السلام) أن البيت قد وضع في بقعة يصعب فيها الحياة قال :

( ربنا أني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي أليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) (12) واستجيبت دعوته فأصبحت الكعبة قبلة المسلمين ومهوى أفئدة المؤمنين .

وقد سبب نمو إسماعيل (عليه السلام ) في تلك القبيلة أن يتزوج منها ومن ثم يحظى بحمايتها له ولهذا فان أبناء إسماعيل ينتمون الى قبيلة جرهم من جهة ألام .

قصي بن كلاب

وكان اسم قصي : زيدا , ألا أن أباه كلابا مات وهو صغير في حجر أمه ,فاطمة التي تزوجت برجل من بني كلاب ورزقت منه ولدين هما( زهرة)( وقصي) وقدم رجل من بني عذرة من قضاعة يقال له : ربيعة بن حرام العذري فتزوجها وخرج بها الى قومه وحملت زيدا معها فلما بعد من دار قومه سمته قصيا فلما شب عرف انه ابن كلاب بن مرة وان قومه كانوا آل اللّه وفي حرمه فكره قصي الغربة وأحب ان يخرج إلى قومه , وخرج في الشهر الحرام في حجاج قضاعة حتى قدم مكة وأقام بها وتزوج حبي ابنة حليل الخزاعي ((13)) وهو آخر من ولي البيت من خزاعة ((14)) فولدت له عبد مناف , وعبد الدار , وعبد العزى , وعبد قصي .

وروى بعضهم : ا نه لما تزوج قصي حبى ابنة حليل الخزاعي أوصى حليل عند موته بولاية البيت إلى قصي .

فولي قصي البيت وأمر مكة والحكم ((15)) واستقام أمره.

فلما استقامت له الأمور قدم البيت فبناه بنيانا لم يبنه احد , كان طول جدرانه تسع اذرع فجعله ثماني عشرة ذراعا , وسقف البيت بخشب شجر الدوم ـ وهو شجر ضخم يشبه النخل ـ وبنى دار الندوة الى جانب الصفا فكانوا لا يتشاورون في أمر ولا يعقدون لوا للحرب ولا يختنون , ولا يتناكحون ألا في دار الندوة وحفر بئر العجول ((16))

وقال ابن إسحاق : حدثني أبي إسحاق بن يسار عن الحسن بن محمد ابن علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه قال : سمعته يقول : فولي قصي البيت وآمرة مكة , فكانت أليه الحجابة ـ وهي مفاتيح البيت ـ والسقاية , والرفادة واتخذ لنفسه دار الندوة ((17)) جعل بابها إلى جهة الكعبة , فكانت قريش تقضي أمورها فيه , فكانوا لا يتشاورون في امر نزل بهم , ولا يعقدون لوا لحرب قوم من غيرهم ألا في داره ـ دار الندوة ـ يعقده لهم احد ولده , حتى الجارية من قريش كانت أذا بلغت ان تتدرع ـ اي تلبس الدراعة وهي ستر كالعباة القصيرة ـ لم تكن تتدرع الا في داره ـ دار الندوة ـ ففيها كان يشق لها درا عتها ثم ينطلق بها أهلها ((18)) .

وكان قصي هو الذي فرض الرفادة على قريش وأمرهم بها فقال ((يا معشر قريش اللّه وأهل بيته , أهل الحرم , وان الحاج ضيف اللّه وزوار بيته , وهم أحق الضيف بالكرامة , فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم )).

فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى , فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد وجرى ذلك فيهم حتى ظهر الإسلام .

فلما كبر قصي ودق عظمه , رأى أن عبد مناف قد شرف في زمانه وهو ثاني أبنائه وبكره هو عبد الدار , فقال له : أما واللّه يأبني لألحقنك بهم وان كانوا قد شرفوا عليك : لا يدخل الكعبة رجل حتى تفتحها أنت لهم , ولا يعقد احد لوا حرب لقريش ألا أنت , ولا يشرب احد بمكة ألا من سقايتك , ولايا كل احد من أهل الموسم طعاما ألا من طعامك , ولا تقطع قريش أمرا من أمورها ألا في دارك فأعطاه الحجابة واللوا والسقاية والرفادة ودار الندوة التي لا تقضي أمرا من أمورها ألا فيها , فجعل أليه قصي كل ما كان بيده من أمر قومه , وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شي صنعه ((19)) .

وقال اليعقوبي : أن قصيا قسم أمره بين ولده : فجعل السقاية والرئاسة لعبد مناف , والدار لعبد الدار , والرفادة لعبد العزى , وحافتي الوادي لعبد قصي ومات قصي ودفن بالحجون .

قال اليعقوبي : وكان هاشم أول من سن الرحلتين : رحلة الشتاء إلى الشام ورحلة الصيف إلى الحبشة واليمن .

وذلك أن تجارة قريش كانت لا تعدو مكة فكانوا في ضيق , حتى ركب هاشم إلى الشام إلى قيصر , فقال له : أيها الملك أن لي قوما من تجار العرب ,فتكتب لهم كتابا يؤمنهم ويؤمن من تاجراتهم حتى يأتوا بما يستطرف من ادم ((20)) الحجاز وثيابه ففعل قيصر ذلك , فانصرف هاشم فجعل كلما مربحي من إحياء العرب اخذ من إشرافهم الإيلاف ـ اي العهد ـ أن يامنوا عندهم وفي أرضهم , فاخذ الإيلاف من الشام الى مكة ((21)) وذلك قول اللّه تعالى Sad لإيلاف قريش ا يلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) ((22)) .

وخرج هاشم بتاجرات عظيمة يريد الشام , فجعل يمر بأشراف العرب فيحمل لهم التجارات ولا يلزمهم لها مؤونة حتى صار الى ((غزة )) فتوفي بها.

وإنما لقب بهاشم ـ واسمه عمرو ـ لأنه كان يهشم الخبز ويصب عليه المرق واللحم فيطعمهم بمكة ومنى وعرفات والمزدلفة يثرد لهم الخبز في السمن واللحم والسويق , ويأمر بحياض من ادم فتجعل في موضع زمزم ,فيسقي الناس فيها من الآبار التي بمكة ((23)) أما زمزم فقد كانت جرهم طمته ولم يحفر بعد.

وقد نقل اليعقوبي خبرا عن تاجر من بني كلاب حضر موسم الحج فوصف لنا كيفية رفادة هاشم فقال :

قال الأسود بن شعر الكلبي : كنت عسيفا ـ اي عاملا ـ لعقيلة من عقائل الحي , اركب الصعبة والذلول , لا ابقي مطرحا من البلاد ارتجي فيه ربحا من الأموال الا ركبت اليه من الشام بأثاثه وخرثيه ـ أي متاعه ـ أريد كبة العرب أي جماعتهم .

فعدت من الشام وقد دهم الموسم , فدفعت إلى الموسم مسدفا ـ أي ليلا ـ فحبست الركاب حتى انجلى عني قميص الليل , وإذا جزر تنحرو أخرى تساق للنحر , وطهاة يطهون الطعام للأكل فبهرني ما رأيت فتقدمت أريد عميدهم وعرف رجل شأني فقال : أمامك , فدنوت , فإذا رجل على عرش سام , تحته نمرقة , قد كار ـ أي لف ـ عمامة سودا , واخرج من ملاثمه أجمة شعر فينانة ـ اي كفنن الشجر في الطول والحسن ـ كان الشعرى تطلع من جبينه وفي يده مخصرة , وحوله مشيخة جلة , منكسوا الاذقان , ما منهم احد يفيض بكلمة , ودونهم خدم مشمرون الى إنصافهم , وإذا برجل مجهر على نشزمن الارض ينادي : يا وفد اللّه هلموا الى الغداء , وإنسيان على طريق من طعم يناديان : يا وفد اللّه من تغد فليرجع الى العشاء فقلت لرجل كان الى جانبي : من ه ذا ؟ اريد العميد ؟ فقال : أبو نضله هاشم بن عبد مناف فخرجت وانا اقول : هذا واللّه المجد , لامجد آل جفنة .

توفي هاشم وهو في يثرب عندما ذهب الى يثرب مع عائلته ولما بلغ نبا وفاة هاشم إلى مكة قام بأمر مكة بعده اخوه المطلب بن عبد مناف.

ولقد توفي المطلب بن عبد مناف في سفره الى بردمان ـ من حصون اليمن .

شيبة بن هاشم

قام بآمرة مكة بعد المطلب بن عبد مناف ابن أخيه شيبة بن هاشم وكان غلاماً حينما أتى به المطلب بن عبد مناف مكة وكان شيبة بن هاشم يمشي خلفه والناس في اسواقهم ومجالسهم , فقاموا يرحبون به ويحيونه ويسالونه : من هذا معك ؟ فيقول :عبدي ابتعته بيثرب جانب المسجد الحرام ـ فابتاع له حلة , ثم ادخله داره .

فلما كان العشي ـ اي العصر ـ البسه الحلة , ثم خرج به معه فاجلسه معه في مجلس بني عبد مناف فاخبرهم خبره ولكن غلب عليه اسم : عبد المطلب . وأراد المطلب ان يشارك في رحلة الشتاء الى اليمن , فقال لعبد المطلب : أنت يا بن أخي اولى بموضع ابيك , فقم بامر مكة . وساد وشرف واقرت له قريش بالشرف ((24)) .

حفر بئر زمزم

قال ابن إسحاق : كانت جرهم قد دفنت زمزم حين ظعنوا من مكة ((25)) . وقال اليعقوبي : قال محمد بن الحسن : لما تكامل لعبد المطلب مجده وأقرت له قريش بالفضل.

وروى ابن اسحاق بثلاث وسائط عن علي (عليه السلام) انه قال : قال عبد المطلب : اني لنائم في الحجر اذ اتاني آت فقال : احفر طيبة , قال :قلت : وما طيبة ؟ قال : ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت الى مضجعي فنمت فيه , فجاني فقال : احفر برة , قال : قلت : فما برة ؟ قال : ثم ذهب عني ؟ فلما كان الغد رجعت الى مضجعي فنمت فيه , فجاني فقال : احفر المضنونة , قال : فقلت : وما المضنونة ؟ قال : ثم ذهب عنى فلما كان الغدرجعت الى مضجعي فنمت فيه فجاني فقال : احفر زمزم , قال : قلت : ومازمزم ؟ قال : لا تنزف ابدا ولاتذم , تسقي الحجيج الاعظم , وهي بين الفرث والدم , عند نقرة الغراب الأعصم ((26)) , عند قرية النمل .

فلما بين له شانها ودل على موضعها وعرف انه قد صدق الرؤيا غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ـ ليس له يومئذ ولد غيره ـ فحفر فيها.

فلما بدا لعبد المطلب الحجارات التي طوي بها البئر عرفت قريش انه قد أدرك حاجته , فقاموا أليه فقالوا : يا عبد المطلب أنها بئر أبينا إسماعيل ,وان لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها , قال : ما إنا بفاعل أن هذا الأمر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم فقالوا له : فأنصفنا فانا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها نعم وكانت بأشراف الشام . فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه بني عبد مناف وركب من كل قبيلة من قريش نفر , فخرجوا حتى أذا كانوا ببعض المفاوز بين الحجاز والشام فني ما عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة , فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا : إنا بمفازة , ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم .

فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف منه على نفسه وأصحابه قال لهم : إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم ألان من القوة , فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه ,حتى يكون آخركم واحدا , فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا قالوا : نعم , وقام كل واحد منهم فحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا.

ثم قال عبد المطلب لأصحابه : ارتحلوا فعسى اللّه ان يرزقنا ما ببعض البلاد , وتقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها , فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين من ما عذب , فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه , ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستقوا حتى ملئوا أسقيتهم ثم دعا سائر قريش فقال : هلموا إلى الماء فقد سقانا اللّه فاشربوا واستقوا فجاؤا فشربوا واستقوا , ثم قالوا : قد ـ واللّه ـ قضى لك علينا يا عبد المطلب , فلا نخاصمك في زمزم ابدا , فان الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم ,فارجع الى سقايتك راشدا.

وروى اليعقوبي عن محمد بن الحسن انه قال : كانت قريش تفسد ذلك الحوض الذي كان يسقي منه عبد المطلب وتكسره , فرأى في المنام أيضا :أن قم فقل : اللهم أني لا أحله لمغتسل أنما هو حل للشارب فقام عبد المطلب فقال ذلك , فلم يكن يفسد ذلك الحوض احد ألا رمي بداء من ساعته ,فتركوه .

وكان ـ لما حفر ـ و ذلك في ملك كسرى قباد , فاستخرج منها غزالتي ذهب عليهما الدرر والجوهر وغير ذلك من الحلي , وسبعة أسياف قلعيه وسبعة أدرع سوابغ ,فضرب من الأسياف بابا للكعبة , وجعل أحدى الغزالين صفائح ذهب في الباب , وجعل الأخرى في الكعبة وجعل باب الكعبة مذهبا وكان أول من حلى الكعبة بعد حليها على عهد جرهم.

أصحاب الفيل

روى الطبري بالطرق الخمسة عن ابن عباس وعطا بن يسار وغيرهما : أن أبرهة الأشرم أبا يكسوم لما غلب على اليمن رأى الناس أيام الموسم يتجهزون للحج إلى البيت الحرام , فسال : أين يذهب هؤلاء الناس ؟قالوا : يحجون إلى بيت اللّه بمكة , قال : مم هو ؟ قالوا : من حجارة , قال :فما كسوته ؟ قالوا : ما يذهب به أليه من ها هنا من الوسائل , فقال :قسما بالمسيح لابنين لكم خيرا منه فبني لهم كنيسة عملها بالرخام الأسود والأصفر والأبيض والأحمر ,وحلا ه بالذهب والفضة , وحفها بالجواهر , وجعل لها أبوابا عليها صفائح الذهب , وجعل لها حجابا , كانوا يلطخون جدرها بالمسك ويوقدون فيها بالمندل (أو الصندل , وهو عود هندي طيب الرائحة لاسيما عند الاحتراق ) وأمر الناس ان يحجوا أليها فحج أليها كثير من قبائل العرب سنين , ومكث فيه رجال يتعبدون ويتألهون ويتنسكون له ((27)) وروي عن ابن إسحاق : انه سماها ((القليس )) اي البناء المرتفع كالقبلة ((29)) .

فخرج رجل من بني كنانة حتى قدم اليمن فقعد فيها ـ يعني لحاجة الإنسان ـ فدخلها أبرهة فوجد العذرة بها فقال : من اجترا على بهذا ؟ فقيل له في ذلك فقال : ونصرانيتي لاهدمن ذلك البيت حتى لايحجه حاج أبدا عك والاشعريين وخثعم , فخرج يحث السير حتى أتى الطائف فطلب منهم دليلا ,فبعثوا معه دليلا من هذيل يقال له : نفيل فخرج بهم يهديهم , حتى أذا كانوا بالمغمس ـ وهو على ستة أميال من مكة ـ نزلوا وبعثوا مقدمتهم الى مكة .

فقالت قريش : لا طاقة لنا اليوم بقتال هؤلا القوم , وخرجوا الى رؤوس الجبال , ولم يبق بمكة غير عبد المطلب بن هاشم , واخذ بعضادتي الباب يقول :

لا هم ان المر يمنع رحله فامنع حلالك ـــــ لا يغلبوا بصليبهم ومحالهم عدوا محالك ((30)) .

أن يدخلوا البيت الحرام إذا فأمر ما بدالك ((31)) .

وروى الشيخ المفيد في (الامالي ) بسنده عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده قال : لما قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة مكة لهدم البيت تسرعت الحبشة فأغاروا عليها واخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم , فجا عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه فإذن له , وهو في قبة ديباج على سرير له ,فسلم عليه فرد أبرهة السلام وجعل ينظر في وجهه فراقه حسنه وجماله وهيئته , فقال له : هل كان في آبائك هذا النور والجمال الذي أراه لك ؟قال : نعم أيها الملك كل آبائي كان لهم هذا النور والجمال والبهاء أجلسه معه على سريره .

ثم قال لعبد المطلب : فيم جئت ؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك ورأيت من هيئتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن انظر في حاجتك فسلني ماشئت .

فقال له عبد المطلب : أن أصحابك عدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب : لقد سقطت من عيني جئت لهدم شرفك وشرف قومك ,ومكرمتكم التي تميزون بها من كل جيل , وهو البيت الذي يحج أليه من كل صقع في الأرض , فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك فقال له عبد المطلب : لست برب البيت الذي قصدت لهدمه , وانأ رب سرحي الذي آخذه أصحابك , فجئت أسالك فيما أنا ربه , وللبيت رب هو امنع له من الخلق كل هم وأولى به منهم فقال الملك : ردوا عليه سرحه وانصرف عبد المطلب إلى مكة . ودخل الملك بالفيل الأعظم وكان فيلا ابيض عظيم الخلقة له نابان مرصعان بأنواع الدرر والجوهر وقد زين بكل زينة حسنة وكان الملك يباهي به ملوك الأرض فدخل ومعه الجيش لهدم البيت , فكانوا أذا حملوه على دخول الحرم أناخ وإذا تركوه رجع مهرولا فقال عبد المطلب لغلمانه : ادعوا الي ابني فلما جاؤا بعبد الله اقبل أليه وقال : اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس , ثم اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر اى شي يجي من هناك وخبرني به ((ولعله طلب منه الدعاء ببركة النور الذي في صلبه نور محمد وال محمد)).

فصعد عبد اللّه أبا قبيس فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السيل والليل , فجا عبد اللّه إلى أبيه فاخبره الخبر فقال : انظر يا بني ما يكون من أمرها بعده , فاخبرني به فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة فاخبر عبد المطلب بذلك , فخرج عبد المطلب وهو يقول : يا أهل مكة اخرجوا إلى المعسكر فخذوا غنائمكم فخرجوا ينظرون إلى الطير فإذا ليس من الطير ألا ومعه ثلاثة أحجار : في منقاره ورجليه يقتل بكل حصاة واحدا من القوم فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير , ولم ير قبل ذلك الوقت و لا بعده واتوا العسكر فأذاهم أمثال الخشب النخرة.

وقال القمى في تفسيره : كانت الطيور ترفرف على رؤوسهم وترمي أدمغتهم , فيدخل الحجر في دماغهم ويخرج من إدبارهم فتنتقض أبدانهم ,فكانوا كما قال اللّه تعالى كالعصف المأكول وهو التبن الذي اكل بعضه وبقي بعضه.

وفي خبر الصدوق في (علل الشرائع ) بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال :ومن افلت منهم انطلقوا حتى بلغوا حضرموت ـ واد باليمن ـ فأرسل اللّه عليهم سيلا فغرقهم , فلذلك سمي حضرموت حين ماتوا فيه ((32)) .

قال ابن إسحاق : ولما رد اللّه الحبشة عن مكة وأصابهم بما أصابهم به من النقمة قالت العرب بشان قريش : أنهم أهل اللّه , فقد قاتل اللّه عنهم وكفاهم مؤونة عدوهم , وكان شعرا قريش يفخرون بذلك في شعرهم كثيرا.

فلما بعث اللّه تعالى محمدا ـ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم ـ جعل قصة أصحاب الفيل مما يعده على قريش من نعمته وفضله عليهم ((33)) فقال تعالى ( الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل الم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ).

أيمان عبد المطلب

قال المسعودي : قد تنازع الناس في عبد المطلب : فمنهم من رأى ان عبد المطلب وغيره من آبا النبي ـ صل ى اللّه عليه [ وآله ] وسلم ـ كان مشركا ألا من صح أيمانه ومنهم من رأى أن عبد المطلب كان مؤمنا موحدا وانه لم يشرك باللّه عز وجل , ولا احد من آبا النبي ـ صلى اللّه عليه [ وآله ]وسلم ـ وانه نقل في الأصلاب الطاهرة , وانه ـ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم ـاخبر : انه ولد من نكاح لا من سفاح وهذا موضع فيه تنازع بين الأمامية وغيرهم من الفرق في النص والاختيار : وليس كتابنا هذا للحجاج فنذكر حجة كل فريق منهم .

وكان عبد المطلب يوصي ولده بصلة الأرحام وإطعام الطعام ويرغبهم ويرهبهم فعل من يرقب معادا وبعثا ونشورا , وقد أوصى ابا طالب بالنبي ـ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم ـ ((34)) .

وروى الصدوق في (الخصال ) بسنده عن الصادق (عليه السلام) : ان النبي ـ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم ـ قال لعلي (عليه السلام) : ان عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها اللّه له في الإسلام : حرم نساء الإباء على الأبناء وانزل اللّه عز وجل ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النسا ) ((35)) ووجد كنزا ((36)) فاخرج منه الخمس وتصدق به , وانزل اللّه عزوجل ( واعلموا أن ماغنمتم من شي فان للّه خمسه ) ((37)) ولما حفر بئر زمزم سماها : سقاية الحاج , وانزل اللّه عز وجل ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الأخر ) ((38)) وسن عبد المطلب في القتل مائة من الإبل فاجرى اللّه ذلك في الإسلام ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن فيهم عبد المطلب سبعة أشواط فأجرى اللّه ذلك في الإسلام يا علي يستقسم بالأزلام , ولا يعبد الأصنام , ولا يأكل ما ذبح على النصب , ويقول : انا على دين أبي إبراهيم (عليه السلام) ((39)) .

وروى الكليني في (الكافي ) رواية عن الصادق (عليه السلام) بثلاث طرق : عن مقرن وزرارة ومفضل بن عمر عنه (عليه السلام) قال : يحشر عبد المطلب يوم القيامة امة وحده , عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك ((40)) .

وروى الشيخ المفيد في (الاختصاص ) بسنده عن عبد الرحمن بن خالد مولى المنصور العباسي قال : اخرج إلى بعض ولد سليمان بن علي العباسي كتابا بخط عبد المطلب وإذا هو شبيه بخط الصبيان وهو : بسمك اللهم , ذكر حق عبد المطلب بن هاشم من أهل مكة على فلان بن فلان الحميري من أهل زول ((41)) صنعا , عليه ألف درهم فضة طيبة كيلا بالحديد , ومتى دعاه بها أجابه , شهد اللّه والملكان ((42)) وهذا يدل على أيمانه باللّه والملائكة .

وقال اليعقوبي : انه كان يوحد اللّه عز وجل , وقد رفض عبادة الأصنام , وسن سننا سنها رسول اللّه ونزل بها القرآن , وهي : الوفاء بالنذر ,ومائة من الإبل في الدية , وان لا تنكح ذات محرم , ولا تؤتى البيوت من ظهورها , وقطع يد السارق , والنهي عن قتل الموؤدة والمباهلة , وتحريم الخمر ,وتحريم الزنا والحد عليه , والقرعة , وان لا يطوف احد بالبيت عريانا , وإضافة الضيف , وان لا ينفقوا أذا حجوا ألا من طيب أموالهم , وتعظيم الأشهر الحرم ,ونفي ذوات الريات فكانت قريش تقول : عبد المطلب إبراهيم الثاني ((44)) .

وقال الشهرستاني في (الملل والنحل ) : كان يأمر ولده بترك الظلم والبغي ويحثهم على مكارم الأخلاق وينهاهم عن دنيات الأمور وكان يقول في وصاياه : انه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبه عقوبة ,وهلك رجل ظلوم لم تصبه عقوبة فقيل لعبد المطلب في ذلك ففكر فقال :واللّه ان وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن بإحسانه ويعاقب فيها المسي بأساته ((45)) .

أبناء عبد المطلب والذبيح منهم

روى الصدوق في (الخصال ) بسنده عن الصادق عن ابيه (عليه السلام) عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : سئل رسول اللّه (ص ) عن ولد عبد المطلب فقال : عشرة والعباس يعني احد عشر رجلا.

ثم قال الصدوق : أسنهم الحارث ـ وبه كان يكنى عبد المطلب ـ وعبد العزى وهو أبو لهب , وأبو طالب ـ وهو عبد مناف ـ وضرار , والزبير ,والغيداق , والمقوم , والحجل , وحمزة , والعباس , وعبد الله ((46)) .

وروى فيه بسنده عن الباقر (عليه السلام) قال : كان عبد المطلب ولد له تسعة ,فنذر في العاشر : ان رزقه اللّه غلاما : ان يذبحه فلما ولد عبد الله لم يكن يقدران يذبحه ورسول اللّه (ص ) في صلبه , فجا بعشر من الإبل وساهم عليها وعلى عبد اللّه , فخرجت السهام على عبد الله , فزاد عشرا , فلم تزل السهام تخرج على عبد اللّه ويزيد عشرا , فلما ان بلغت مائة خرجت السهام على الإبل , فقال عبد المطلب : ما أنصفت ربي , فأعاد السهام ثلاثا فخرجت على الإبل فقال : ألان علمت ان ربي قد رضي , فنحرها ((47)) .

وروى في (عيون الأخبار) بسنده عن علي بن الحسين بن فضال قال :سالت الرضا (عليه السلام) عن معنى قول النبي (ص ) : انا ابن الذبيحين ؟ قال : ((يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) وعبد اللّه بن عبد المطلب )) الى ان قال Sad(فان عبد المطلب كان قد تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا اللّه ان يرزقه عشرة بنين , ونذر للّه عز وجل ان يذبح واحدا منهم متى أجاب اللّه دعوته .

فلما بلغوا عشرة قال : قد وفى اللّه لي , فلا وفين للّه عزوجل : فادخل ولده الكعبة واسهم بينهم , فخرج سهم عبد اللّه أبي رسول اللّه (ص ) وكان أحب ولده أليه , ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد اللّه , ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبد الله ذلك ,واجتمع نسا عبد المطلب يبكين ويصحن , وقالت ابنته عاتكة : يا أبتاه اعذر فيما بينك وبين اللّه في قتل ابنك قال : وكيف اعذر يا بنيه ؟ قالت : اعمد إلى تلك السوائم التي لك في الحرم فاضرب القداح على ابنك وعلى الإبل وأعط ربك حتى يرضى .

فبعث عبد المطلب إلى أبله فاحضرها وعزل منها عشرا وضرب بالسهام فخرج سهم عبد اللّه , فما زال يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة ,فضرب فخرج السهم على الإبل , فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة يخرج السهم على الإبل فحملوه ـ وكان خده على الأرض فانسلخت جلدة خده ـ واقبلوا يرفعونه ويقبلونه ويمسحون عنه التراب وأمر عبد المطلب ان تنحر الإبل بالحزورة ((48)) ولا يمنع احد منها.

فكانت لعبد المطلب خمس من السنن أجراها اللّه عزوجل في الإسلام :حرم نساء الإباء على الأبناء , وسن الدية في القتل مئة من الإبل , وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط , ووجد كنزا ((49)) فاخرج منه الخمس , وسمى زمزم حين حفرها : سقاية الحاج ولولا ان عبد المطلب كان حجة وان عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيها بعزم إبراهيم على ذبح ابنه إسماعيل لما افتخر النبي (ص ) بالانتساب إليهما لأجل إنهما الذبيحان , في قوله : انا ابن الذبيحين والعلة التي من اجلها دفع اللّه عز وجل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من اجلها دفع القبح عن عبد اللّه , وهي كون النبي والأئمة المعصومين ـ صلوات اللّه عليهم ـ في صلبيهما , فببركة النبي والأئمة (عليه السلام) دفع اللّه الذبح عنهما ((50)) .

قال اليعقوبي : وكان اسم عبد اللّه (عبد الدار) و (عبد قصي ) فلما كان الفدا قال عبد المطلب : هذا عبد اللّه فسماه به ((51)) وكان ذلك بعد حفرزمزم بعشر سنين ((52)) , ولعبد اللّه 20 سنة

أثارة شبه حول عبد المطلب

فربما يقال هنا : ان عبد المطلب الذي قال عنه المؤرخون : انه كان يقطع يد السارق , ويمنع من طواف العراة , وينهى عن دنيات الأمور ,تاركا للأصنام مجاب الدعوة كيف يسمي ابناه عبد مناف , ومناف اسم صنم , وعبد العزى , والعزى كذلك وثن من الأوثان , ثم كيف جاز له التصرف في شخص غيره ـ ولو ابنه ـ هذا التصرف ؟ وهل لأحد أن يرى صحة نذر كهذا تكون الضحية فيه نفسا محترمة مثل عبدا لله ؟ طرح هذا السؤال السيد المرتضى في (الصحيح من السيرة ) ثم نقل عن المحقق السيد محمد مهدي الروحاني القمى انه أشار إلى : أننا نلاحظ ان عبد المطلب قد سار في أيمانه سيرا تكامليا , فنجده في أول أمره يسمي ابناه عبد مناف وعبد ألعزى , ولكنه يتقدم في أيمانه حدا يرهب به أبرهة الحبشي صاحب الفيل , ويقول عنه المؤرخون ما ذكروه وذكرناه , ولا شك انه بعد ميلاد حفيده محمد (ص ) لما رأى وسمع الكثير من العلامات الدالة على نبوته ,وشهد وعاين الكثير من الدلالات والكرامات بأم عينيه , بلغ الحد الأعلى في أيمانه .

وعليه فلا مانع من أن يكون في أول أمره يرى لنفسه ان ينذر نذرا كهذا , وقد أمر اللّه نبيه إبراهيم بذبح ولده إسماعيل , ونذرت امرأة عمران ما في بطنها محررا لخدمة بيت المقدس كما أشار إلى هذا ابن شهر أشوب فقال وتصور عبد المطلب ان ذبح الولد أفضل قربة لما علم من أمر إسماعيل , ثم ذكر الخبر .

إيمان أبي طالب(53)

ما هو الإيمان :

اعلم أن الإيمان في اللغة التصديق و سمي المؤمن مؤمنا لأنه مصدق لله تعالى و لرسله (عليه السلام) يقال آمن يؤمن إيمانا فهو مؤمن إذا صدق قال الله تعالى حاكيا عن بني يعقوب (عليه السلام) وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا أي بمصدق لنا. و سمي الله تعالى مؤمنا لأنه مصدق لما وعده و قيل سمي تعالى مؤمنا من الأمان أي لا يؤمن إلا من آمنه و قيل سمي تعالى مؤمنا لأن الخلق أمنوا من ظلمه و جوره فهذا حقيقة الإيمان في اللغة فأما في عرف المتكلمين من أهل الإسلام فهو اعتقاد بالقلب و تصديق باللسان. و لا طريق لنا إلى معرفة إيمان واحد من المكلفين إلا من وجهين أحدهما أن نرى المكلف مصدقا لله تعالى و رسله (عليه السلام)

مقرا بجملة المعارف عاملا بأحكام الإسلام فنجري عليه أحكام المؤمنين و نخرجه من حيز الكافرين و نقطع له بالجنة بشرط مطابقة الباطن للظاهر. و الوجه الآخر أن يخبرنا من قامت الأدلة الصحيحة على عصمته بإيمان واحد من المكلفين كأخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإيمان سلمان و عمار و أبي ذر و من ضارعهم فمن أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد من المعصومين من أهل بيته (عليه السلام) بإيمانه عددناه من المؤمنين و قطعنا له بالجنة بيقين .

مع أبي طالب

و هذا أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان رضي الله عنه و أرضاه و جعل جنته مأواه إذا تأملت أشعاره و تدبرت أخباره و جانبت هواك و لم تقلد في دينك أباك قطعت له بالإيمان الصحيح و الإسلام الصريح للوجهين اللذين ذكرناهما و السببين اللذين بيناهما و هما أخبار النبي و الأئمة الصادقين من أهل بيته صلى الله عليهم أجمعين بصحة إسلامه و حقيقة إيمانه على ما تواترت به عنهم الروايات و أسنده إليهم الثقات و إقراره بتوحيد الله تعالى و صدق رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما تراه في أشعاره و تقف عليه في أخباره. و لقد كان يكفينا من الاستدلال على إيمان أبي طالب (عليه السلام) إجماع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و آله و عليهم أجمعين و علماء شيعتهم على إسلامه و اتفاقهم على إيمانه و لو لم يرد عنه

الأفعال التي لا يفعلها إلا المؤمنون و الأقوال التي لا يقولها إلا المسلمون.

تولى زعامة قريش بعد عبد المطلب ابنه أبو طالب ويسترعي النظر في هذه ثلاثة أمور تلابس أبا طالب، وهي أنه:

1 ـ لم يكن أكبر أخوته، مع أن السن كان له حينئذ وزنها في تحديد المواقع وتقويم الرجال.

2 ـ كان فقيرا لا مال له، مع أنه لم يكن يتبوأ سدة الزعامة في قريش في الجاهلية إلا من كان مستندا إلى ثراء وغنى كبيرين، وظاهرين.

3 ـ كان بين إخوانه من هو، فعلا، على غنى وثراء واسع وهو العباس بن عبد المطلب.

وكل هذه أمور تجعل أبا طالب فذا في زعامته لقريش، مما يؤكد أنه كان على مواهب وصفات ألغت التأثير المعاكس لكل هذه العوامل الثلاثة بالنسبة له، وأتاحت له أن يتصدر قومه ويسودهم دون منازع، فقد كان له من مكارم الصفات، ومعالي السجايا والأخلاق، ما جعله محل احترام الجميع ومحبتهم.(54)

سيادته في قومه

كانت شخصية أبي طالب القوية تسيطر على النفوس بطهارتها واستقامتها وترفعها عن الدنيا، إلى أنه مع ذلك، كان شاعرا مجيدا، فأضاف الى تأثيره بالشخصية تأثيره باللسان وسحر البيان. \ولقد خلف أبو طالب أباه عبد المطلب في كل مناصبه ومكانته، ولكن ضيق حالته المالية جعله يكل إلى أخيه العباس شأن السقاية وأعباءها نظرا لما كان له من ثراء واسع، يعينه على أن ينهض بمهمتها بصورة أحسن تتناسب مع ما اعتاده بنو هاشم من أكرام وتكريم ضيوف البيت الحرام من الحجيج.

ومما يؤثر عن حكمته وحسن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
طهارة العمود النسبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) امتداداً من إبراهيم الخليل (عليه السلام ) إلى (أبو طالب )عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة إبراهيم عليه السلام
» قصة محمد صلى الله على وسلم
» قصة لوط عليه السلام
» قصة هود عليه السلام
» قصة نوح عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات رويم  :: القرأن الكريم والاحاديث النبوية :: منتدى القرأن الكريم والسنة النبوية-
انتقل الى: